السؤال:
أنا شابة في العشرين من عمري، أعاني من الخوف من كل شيء، والقلق، والتردد، ولا أدري ما السبب ولا ما الحل.. أرجوكم ساعدوني.
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: الأخت الفاضلة صاحبة السؤال.. أسأل الله لك كل خير.. نصيحتي لك ألخصها في عدة محاور هامة جدًّا، أرى ضرورة أن تستمسكي بها قدر طاقتك حتى تتغلبي على شكواك تلك التي قد صغتيها في سؤالك الذي يعتصر ألمًا:
أولًا: قد علمنا الإسلام أن ننطلق في تصوراتنا وبنائنا الداخلي والخارجي من عقيدة التوحيد الخالصة له سبحانه والتي تقتضي إثبات القدرة التامة له سبحانه والقيومية الكاملة على خلقه، وكذلك سائر الصفات والأسماء التي أثبتها كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكذلك له سبحانه الخلق والأمر وأنه سبحانه وحده الذي يستحق العبادة، ومن هذا المنطلق يجب أن يبتدئ حلنا لمشكلاتنا، على أساس تلك العبودية، إذ إن في قلوبنا فاقة لا يسد خللها غير توحيد الله سبحانه وفي نفوسنا فقر شديد لا يغنيه إلا الالتجاء إليه لا إله إلا هو.
ثانيًا: لابد أن هناك خلفيات تاريخية لما تجدينه من شكوى، قد تكون تراكمت منذ الصغر، وقد تكون نتاج مواقف مختلفة فقدت فيها الأمان أو تعرضت لشكل من أشكال الخيانة أو الضرر، فأورث ذلك عندك مثل هذا الشعور الذي تغذيه الأيام وأخلاق المجتمع، حيث يغترب الدين وتنتشر مساوئ الأخلاق، فيلزمك أن تنظري تحت عناية مختصة أو خبيرة إلى ممارستك لتلك الخبرة السلبية التي كانت قد مرت بك وإلى آثارها التي قد أورثت عندك وتركت بصماتها في نفسك وكيفية الخروج منها، وقد تستطيعين فعل ذلك وحدك، ولكنني أنصحك بالمختصة أو الخبيرة في ذلك ممن تثقين فيهن فلعله أنفع لك وأسرع أثرًا.
ثالثًا: أحب أن أنبهك إلى أن محاولاتك للتغلب على الخوف والتردد وغيرها من الآلام والأمراض يجب أن يصحبها نظرة فاحصة لأهم المعوقات التي قد تمنع العلاج، فمن تلك المعوقات أن نعتمد في علاجاتنا على آرائنا الخاصة في أنفسنا،. وكذلك أن يكون الخجل والانطواء هما الحاكمان في علاجنا لأنفسنا، وكذلك أن نغض الطرف عن المؤثرات الخاطئة التي قد تعودناها في مجتمعنا واستسلمنا لها، كمثل أن نقنع أنفسنا بالفشل أو يقنعنا الآخرون بعدم القدرة عن الإنجاز.. وغير ذلك.
رابعًا: إذا آمنا بكمال قدرة الله سبحانه وعظمته وحياته وقيوميته- عز وجل-، تمام الإيمان ووثقنا في قوته سبحانه تمام الثقة، فعندئذ تزول المخاوف وتتضاءل كل الشرور وتضعف في ناظرينا كل القوى المخلوقة؛ لأننا قد أدركنا تمامًا أنها لن تضرنا بشيء، وأن الله سبحانه هو القوي العزيز، فلا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه، فلم الخوف إذن؟ ولم الجزع إذن من مخلوق لا يقدر أن يدفع الضر عن نفسه؟
خامسًا: إذا أيقنا بعلم الله الكامل سبحانه وبقضائه وقدره، لجأنا إليه عند التردد واستخرناه عند جهلنا بالعواقب، فخرجت الكلمات من قلوبنا قبل ألسنتنا «اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم...». وما ندم من استشار ولا خاب من استخار..
سادسًا: أنصحك بدوام ذكر الله سبحانه قيامًا وقعودًا وعلى جانبيك، وليكن ذكرك منطلقًا من قلبك فائضًا على جوارحك متحليًا بكامل الثقة به عز وجل والإيمان له سبحانه، فعندئذ يطمئن قلبك في كل موطن وتزول مخاوفك من كل موقف {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: من الآية 28].
سابعًا: كذلك فإني أنصحك بصحبة خير من صالحات تقيات لهن في الخير سابقة وفي العلم نصيب، وفي الدعوة إنجازًا، فسوف يعيننك على خطوات خير ونصائح تقوى- إن شاء الله-.
ثامنًا: لتبدئي بالتخطيط لإنجاز شيء تحبينه، وليكن ذلك مثلًا حفظ شيء من كتاب الله سبحانه أو تعلم علم أو غيره مما يقبله قلبك.. ولتبدئي ولا تترددي مهما جذبك الشيطان نحو القعود والتخاذل، واستعيذي بالله منه فإنه لا يحب لك الخير، وخالفي نفسك فيما يحب الله ورسوله وكل الصالحين فإن في مخالفة هوى النفس البركة، واستعيني بالله على ذلك.. وجربي ذلك شهرًا ثم واصلينا بالنتيجة.. نسأل الله لك دوام الخير والإيمان والثبات.
الكاتب: خالد رُوشه.
المصدر: موقع المسلم.